جنون الأسعار يمزق جيوب المصريين بارتفاع المواد الاستهلاكية

Published by Ahmed Sayem under on 9:26 ص
المصدر الصحيفه الاقتصاديه
أصاب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية المصريين بالجنون، حيث شهدت الأيام الماضية ارتفاعا غير مسبوق في أسعار المواد الأساسية: الزيوت، العدس، اللحوم الحمراء والبيضاء، الأرز، السكر، الشاي، الدقيق، والخضراوات لتصل إلى أرقام قياسية، حيث بلغت الزيادة فيها نسبة 32 في المائة حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبة العامة والإحصاء.
وسواء كان ارتفاع الأسعار بسبب المضاربة المحلية أو الزيادة العالمية في أسعار السلع الاستهلاكية، فإن المستهلك يريد من الحكومة أن تتدخل.
وتحت شعار «قاوم الغلاء بترشيد الاستهلاك» بدأت جمعيات حماية المستهلك في مصر حملة واسعة لتوعية المواطنين وحثهم على ترشيد الاستهلاك، وتستمر الحملة طوال شهر رمضان الكريم، وذلك بالتنسيق مع جهاز حماية المستهلك.. كما تشمل الحملة إرشاد المستهلكين إلى أرخص الأسعار في المنافذ المختلفة، إلى جانب العمل على توفير منافذ لبيع السلع بأسعار مناسبة.
ومن جهة أخرى، كشف تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن إجمالي حجم الواردات والصادرات من الموانئ التجارية المصرية لعام ‏2009‏ عن ارتفاعات ملحوظة في قيمة الواردات من أغذية الحيوانات، الشيكولاته، الكاكاو، الفطائر، العصائر، التبغ، السجائر، وغيرها من السلع التكميلية‏.‏
وأوضح محمد مرسي رئيس قطاع الإحصاء في الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن إجمالي الواردات زاد من‏ 249.9‏ مليار جنيه في‏ 2008‏ إلى ‏287.7‏ مليار جنيه في‏2009، وشهدت واردات النخالة والكسب وأغذية الحيوانات زيادة كبيرة من مليار و‏235‏ مليون جنيه إلى مليار و‏715‏ مليون جنيه‏.‏
في حين ارتفعت قيمة واردات الشيكولاته والكاكاو من ‏204‏ ملايين إلى ‏315‏ مليون جنيه، والجمبري من ‏238 إلى ‏370‏ مليون جنيه‏, وأكل القطط والكلاب من ‏206‏ إلى ‏253‏ مليون جنيه، وقفزت الأسماك المجمدة من‏ 720‏ إلى مليار و‏149‏ مليون جنيه‏.‏ وبالنسبة إلى الفطائر والبسكويت، أوضح مرسي أن قيمة وارداتها تضاعفت خلال عام من ‏52 مليون جنيه إلى ‏104‏ ملايين جنيه، وارتفعت واردات العصير والفواكه من‏65‏ مليون جنيه إلى ‏115‏ مليون جنيه، وكذلك جوز الهند من ‏105‏ إلى ‏126‏ مليون جنيه، والنسكافيه من‏ 52‏ إلى 60‏ مليون جنيه، واللوز والبندق من‏ 170‏ إلى ‏264‏ مليون جنيه، والتفاح من ‏300‏ إلى ‏399‏ مليون جنيه، والتبغ والسجائر من مليار و‏348‏ إلى مليار و‏526‏ مليون جنيه‏.‏
وكان التقرير قد أكد ارتفاع إجمالي كميات واردات البضائع خلال العام الماضي بنسبة ‏9,9 في المائة، في حين تراجع إجمالي الصادرات بنسبة‏ 0.22. في المائة.‏

العم سام على بعد خطوة من قبر عميق ودائم

Published by Ahmed Sayem under on 9:21 ص

المصدر الصحيفه الاقتصاديه



شبح التخلف اليوناني عن السداد يواصل إزعاج أسواق المال العالمية. وارتفع عائد السندات الحكومية طويلة الأجل 700 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية المقابلة. والفرق هو أن أمريكا في وضع مالي أفضل بكثير من اليونان. ولا شيء يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة.
يصل إجمالي الديون اليونانية إلى 120 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ضعف الرقم الأمريكي. لكن الديون بمفردها لا تكشف كثيرا عن الوضع المالي في أي بلد. ويطلق الاقتصاديون على ذلك مشكلة التصنيف، لأن بإمكان الحكومات أن تصف وصفات وأقساط بأي طريقة ترغب. مثلا، يمكن تسمية الضرائب على الرواتب لتمويل الرواتب التقاعدية وتكاليف الرعاية الصحية، اقتراضا، وتسمية المنافع المستقبلية سداداً محسوماً منه ضريبة مستقبلية. وإذا تم قياسه بناءً على ذلك، فإن العجز الأمريكي في الميزانية يبلغ 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وليس 9 في المائة.
عمل إصلاح الرواتب التقاعدية في تشيلي في أوائل ثمانينيات القرن الماضي على إعادة تسمية عجوزات ذلك البلد بتلك الطريقة. وتم توجيه الوصفات التي تمت تسميتها في السابق ضرائبا، نحو صناديق تقاعد القطاع الخاص، التي اقترضت منها الحكومة بعدئذ لتغطية الرواتب التقاعدية ذاتها. هكذا إذاً. وكانت الأموال ذاتها ما زالت تتدفق من العمال إلى المتقاعدين، لكن أطلق عليها الآن اسم اقتراض. وساهم التغيير في لغة الاقتصاديين في جعلهم يمنعون الإنفاق، بما في ذلك الإنفاق على حاملة طائرات، بزعم أن العجز كان عالياً للغاية. وهكذا تحسن المركز المالي طويل الأجل لتشيلي، على الرغم من إبلاغها عن وجود مزيد من الديون.
أعادت الأرجنتين تالياً ''تشكيل'' صناديق التقاعد الخاصة بها، على الرغم من عدم وجود تشديد مالي أساسي. وقامت حديثاً بتأميم صناديق التقاعد الخاصة بها، وأطلقت على الأصول التي تمت مصادرتها عوائد، بينما أبقت المطلوبات المستقبلية بعيداً عن الدفاتر. ووفقا لذلك قامت الأرجنتين ببيع أوراق الدين مقابل النقد الجاري. وفعلت اليونان الأمر ذاته تقريباً حين باعت الرسوم المتوقعة من المطارات والعوائد الناتجة عن عمليات اليانصيب. كذلك فرنسا فعلت الأمر ذاته حين صادرت أصول تقاعد فرانس تيليكوم (واستبقت في الوقت نفسه التزامات التقاعد) لتلبية معايير العجز كي تنضم إلى اليورو.
لكن لدى جميع هذه البلدان شيئ ما تتعلمه من أستاذ التسمية الحقيقي: العم سام. فخلال نصف القرن الماضي باعت الولايات المتحدة عشرات التريليونات من أوراق الدين غير الرسمية، الأمر الذي تركها مع مطلوبات لتدفع إلى التأمين الاجتماعي، ومنافع الرعاية الطبية، والمساعدات الطبية التي يصل مجموعها إلى 40 ضعفاً من الدين الرسمي. واستنادا إلى ذلك، هل الدين الأمريكي أكبر فعلياً بنحو 40 ضعفاً مما أبلغ عنه؟ وهل يبلغ عجز هذا العام 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أم 9 في المائة؟ بإمكانك أن تختار، فنحن في عالم مالي عجيب من القياس دون معنى.
في الاقتصاد، كما في الفيزياء، هناك مفاهيم معينة لا يمكن تحديدها جيداً. ففي الفيزياء لا يمكن تحديد الزمن والمسافة المطلقة، إذ يعتمد قياسهما على الاتجاه والسرعة عبر المساحة. ويحدد إطار المرجعية هذا كيف ندرك الوقت خلال اليوم، أو طول مكتب ما. وفي الاقتصاد، كل دولار تأخذه الحكومة، أو تدفعه يمكن ربطه مرجعياً بعبارات أو تسميات مختلفة، لإنتاج أي مستوى تقريباً من الدين الرسمي الذي يرغب المرء في تقديمه. ونتيجة لذلك، استخدام مستويات الدين لتقييم الاستدامة المالية لبلد ما، مثلما فعلت مجموعة العشرين لتوها، أشبه بالقيادة في لوس أنجلوس باستخدام خريطة لنيويورك.
لحسن الحظ تقترح النظرية قياساً غير مسمى للمركز المالي: الفجوة المالية، أو القيمة الحالية للفرق بين جميع النفقات والمقبوضات المستقبلية. وتبدو الفجوة المالية اليونانية مذهلة. فالحسابات التي قمت بإعدادها مع زملائي في جامعة فيربيرغ قدرتها بنحو 11.5 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي المستقبلي لليونان. ويدمج هذا الرقم الكبير فعلياً تخفيض السياسة المالية التي تم تشريعها حديثاً في اليونان. لكن الرقم الأمريكي، اعتماداً على توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس التي تم نشرها للتو، أكبر بكثير من ذلك: 12.2 في المائة.
من الواضح أن اليونان في وضع مالي سيئ للغاية. وكي تنظم دفاترها، عليها أن تشد الأحزمة سنوياً بنسبة 11.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويقدم هذا معنىً جديداً لكلمة قاسٍ للغاية. لكن الولايات المتحدة في وضع أسوأ بكثير لأن توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس التي تكشف عن فجوة مالية بنسبة 12.2 في المائة، تفترض فعلياً نسبة 7.2 في المائة من شد أحزمة الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020.
غير أن الافتراضات التي يتضمنها هذا التعديل بنسبة 7.2 في المائة تخمينية بدرجة عالية، بما فيها ارتفاع أساسي في حصة دافعي الضرائب الذين يواجهون ضريبة الحد الأدنى البديلة، التي كانت تدعى في الماضي ''ضريبة أصحاب الملايين'' لاستهدافها الأغنياء فقط. ويفترض مكتب الميزانية أن نمو الأجور الفعلي سيدفع جميع العاملين إلى فئات ضريبية أعلى بكثير، وأن الكونغرس سيخفض الإنفاق الاختياري، فضلاً عن أنه سيحد النمو بدرجة كبيرة في منافع الرعاية الصحية، والمساعدة الطبية. ويتعارض كل افتراض منها مع التجربة الأخيرة.
إن التمني لن يصوب الفوضى المالية في أمريكا. والولايات المتحدة على بعد خطوة واحدة من القبر الاقتصادي العميق والدائم. وفات الأوان كثيراً للقيام بتخطيط مالي طويل الأجل ذي معنى، ومصارحة الجمهور، وتطبيق إصلاحات جذرية تعمل على ترتيب البيت المالي الأمريكي بشكل دائم.
الكاتب أستاذ اقتصاد في جامعة بوسطن. وتم إعداد التحليل الأساسي لهذا المقال بالتعاون مع كريستيان هيجست، وستيفان موغ، وبيرند رافلهوستشن، وجمعيهم في جامعة فيربورغ.